اخبار عاجلة
ناصر الحرشي …قراءة في فيلم( الملك الاخير في اسكتلندا )سرقة مليارات ، قبائل ، رصاص و عسكر .
بقلم ناصر الحرشي ناقد ادبي وسينمائي .
يحتل فيلم (الملك الاخير في اسكتلندا ) مكانة متميزة في لوحة السينما السياسية ولا سيما سينما المؤلف التي تضيف شيئا جديدا للانجاز الفني ليبلورتجربة فريدة وليبدع لغته ومفرداته . والتي تقترب من تخوم التاريخ السياسي لدولة اوغندا الحديثة الخروج من ربقة الاستعمار البريطاني .حيث يصبح اللجوء الى التاريخ وجها بنائيا يرتكز عليه المنطق الصيروري الدياكروني للاحداث . فهذا النص الفيلمي هو امتداد للواقع السياسي لدولة افريقية تقع شرق افريقيا الوسطى ونقصد بالذات لؤلؤة افريقيا اوغندا بتضاريسها وثروتها المائية والمعدنية النفيسة . فهي ليست بدولة مسلمة لكنها حريصة على عضويتها بالمؤتمر الاسلامي والمسلمون بها ليسوا باغلبية . وهنا التجأ المخرج ليسائل التاريخ في هذا الوطن الافريقي المنكوب الى لغة الفن كعين ثالثة نرى بها الوجود الاخر للاشياء .انها محاولة للكشف عن اسرار هذا الواقع السياسي العاصف بعمق دلالاته بهذه الدولة الافريقية .ان استراتيجية النص الفيلمي تعرف انطلاقتها في اواخر ستينيات القرن المنصرم حين اطاح الجينرال عايدي امين بقوة السلاح بحكومة اوبوتي المنتخبة والفاسدة وما رافق ذلك من اعتقالات وقتل ومطاردة لفلول الحكومة الهاربة الى تنزانيا برئيسها المطاح به والمنتفخ جيبه بملايين المليارات التي سرقها من الشعب الاوعندي .لذلك كان هذا الفيلم في بنيته التكاملية يجسد المحطة الاخيرة لطبيب اسكتلندي تخرج من احدى جامعات اسكتلندا وقرر السفر الى اوغندا ليقدم المساعدات الطبية لهذا البلد الدي تنخره الامراض والاسقام والملتاع بالتخلف من رأسه الى قدمه .فالبطل الشاب (غاريغور ) الطبيب الوسيم ما ان حطت به الطائرة في العاصمة كمبالا حتى اصطدم بدبابات عايدي امين وهي تحاصر شوارع العاصمة . منتهى القبح والوحشية تتعرض له اوغندا من لصوصية حكومة مدنية فاسدة برئيس سارق للؤلؤ الى جينرال دموي فصامي الشخصية ، دهاني وعصابي .فافضل رماة الملكة اليزابيت اطلقته بريطانيا من قفصه على اوغندا ليفترس مغاوير الادغال بمباركة من الملكة كما ان هذا الانقلاب الدموي تورطت فيه مصالح الاستخبارات البريطانيا بشكل مباشر .وتغمر هذه الصدمة الطبيب الشاب الذي يشاهد كل اشكال القمع والاعدامات الميدانية . لكن سرعان ما سينسج علاقة صداقة مع هذا الديكتاتور الاسطورة بعد حادثة تعرض لهاعايدي امين بمعية كتيبته العسكرية التي تتنقل في كل ارجاء اغندا حيت اصطدمت سيارته العسكرية ببقرة لفلاح فقير جرح على اترها جرحا طفيفا انتهت بقتل البقرة بعد ان اطلق عليها الطبيب رصاصة الرحمة بمسدس الجينرال تم مشهد هذا العسكري الدموي وهو يلقي خطابا وسط الادغال على الشعب الاوغندي تم وهو يؤدي رقصة البراري الوحشية ليوهم الاوغنديين بانه ينتمي الى ثقافة هذا الشعب وانه جزء منهم . جينرال مصاب بنير الجنون كما يتمظهر ذلك من خلال الفيلم وبناره الموقدة ( اعتقاده المرضي بان رجال اوبوتي تسللو الى مخدعه ووضعو السم في طعامه ) وقد حل كل الاحزاب السياسية وحرم اي نشاط مناوئ لنظام حكمه ملقيا بشعبه في صحراء العزلة والحصار تم اقدامه على طرد المسثتمرين الاسيويين ( الهنود ) مما تسبب في ازمة اقتصادية خانقة خنقت بلاده الغارقة في المشاكل والقلاقل . فشخصية الطبيب الساحرة خطفت لب الجينرال فقربه منه وجعله صديقه بل وعميله وعينه على اعدائه من وزراء حكومته . حتى ان الصحافة الغربية المعارضة لهذا الديكتاتور وصفت الطبيب بقرد الجينرال الابيض . هذا الطبيب بدوره سيتعرض لتعذيب وحشي من طرف زبانية الرئيس المحاط بآلة امنية واستخباراتية بعد ان ضبط تورطه في علاقة جنسية مع احدى زوجاته التي لقيت مصيرا مأساويا غير ان الحظ حالفه بعد ان انقده طبيب اوغندي بارساله عبر طائرة اسرائيلية تعرضت للاختطاف . فليل اوغندا يلعلع فيه صوت الرصاص ومخاوف الانقلابات وسرقة المليارات كما يتعثر زوارها دائما بجماجم موتاها ضحايا الحروب الاهلية والابادات الجماعية .فالا وعي السياسي والاجتماعي للقبيلة هو الذي يحكم تاريخها السياسي فقدر هذه الامة الافريقية يحكمها اما لصوص او قتلة محترفون .الم يكن الجينرال عايدي امين يردد دائما كلما نجا من مؤامرة محبوكة خلف الادغال ( لقد رأيت ذلك في حلمي لن اموت الا على فراشي ) .