اخبار عاجلة
ناصر الحرشي …صوت المومس ونساء العالم السفلي في رواية (بنات ونعناع )لحسن بحراوي .
بأرت رواية (بنات ونعناع )لحسن بحراوي سردها على الطابوهات في تقافتنا الاجتماعية بحيث تابعت سيرة مجموعة من العاهرات اللواتي عشن في الستينيات والسبعينيات من النصف الثاني من القرن المنصرم . وقد اعتمدت على قوة المتخيل الشعبي واستفادت من الطاقة الدلالية للتعبير الشفهي المغربي في سبك احداث الرواية . كما انتقدت اخلاقيات المجتمع التي تحتمي بالنفاق وازدواجية المعايير . ويتجلى احتفاء الروائي المغربي حسن بحراوي بالحكاية في ذلك التتبع التفصيلي لحيوات متجاورة لخمس بنات يعملن في البغاء بدار كائنة بحي يسمى القصبة . ويتمحور السرد على شخصية الزاهية التي تدبر البيت وتديره وتتحكم في علاقاته الخارجية بعد ان ورثت الحرفة والبيت معا عن معلمتها الخوضة . والملاحظ ان السارد تتبع حياة كل امرأة في داخل البيت منقبا عن مختلف الاسباب التي دفعتهن الى عالم الدعارة وتجارة الجسد . بحيث يبدو كباحث سوسيولوجي متمرس يستقرئ الدوافع والمراحل والمألات في مهنة ترمز الى العار . والكاتب يرصد مختلف العلاقات الاجتماعية التي تربط بين النساء المشتغلات في هذا المجال ، وعلى المستوى الداخلي اوضحت الرواية بنية التراتبية السلطوية بين الزاهية وبناتها واشكال اتخاد القرار وصيغ التدبير وتوزيع المهام تم تلك العلاقات الخارجية مع المحيط الاجتماعي والاقتصادي . ليبئر السارد حول ثمتلات المجتمع والسلطة ازاء هذه الفئة المهمشة والمقصية تعبيريا كما اشار حسن بحراوي الى طموح هذه الفئة للمشاركة في الحياة العامة كمشاركة الزاهية وبناتها في الحملة الانتخابية ومسيرة فاتح ماي ودعم الفريق الكروي المحلي والتفاوض مع السلطة وحضور موسم سيدي موسى المجدوب وكلها كانت خطوات تتغيا انتزاع الاعتراف بالوجود والوظيفة الاجتماعية . لكن يبدو ان قدر التهميش هو الحكم النهائي بالنسبة لهن ( فهؤلاء سلالة اخرى من الكائنات المحلقة في ملكوث الظلام ص 100 ) . ومع اختفاء ثلاث بنات اتخذت الحكاية بعدا تشويقيا مع توظيف تقنيات الرواية البوليسية . وقد هيمنت في بنات ونعناع رؤية ابداعية توسلت بالثقافة الشعبية واستندت الى بناء متخيل شعبي ( الامثال الشعبية ) تم هناك البعد العجائبي والفانتازي والميتي الاسطوري كالعقاب الغيبي الذي نزل بأفراد السلطة الذين تجاسروا على التحرش بحجاج موسم الولي الصالح سيدي موسى المجدوب ،الهدية ورقصة الرجل الذي يلبس كالنساء ، توظيف الرؤيا ( رؤيا الزاهية ) ، حماية الولي الصالح الغيبيةلهؤلاء البغايا اللواتي يقصدنه للتبرك وطلب الحماية . كما يمكن الاشارة الى بعد غرائبي اخر هو ظهور الجمل ليلا في فيلا الطبيب . لقد ركز حسن بحراوي على التراث بمفهومه الاجتماعي ومدى ثأتيره على الافراد ودافع من خلال هذا المنجز الابداعي على صوت البغي التي لاصوت لها .
بقلم الناقد الادبي والسينمائي ناصر الحرشي