اخبار عاجلة

ناصر الحرشي …..اطلالة على فيلم (السقطة ) الحلفاء يطرقون باب غرفة الفوهرر .

تمة فكرة قديمة شائعة في مجال الفن السابع مفادها ان الاحداث الكبرى تصعب مواكبتها فنيا على نحو عميق .فالكتابة عن التاريخ بلغة الفن لا تقف على خط الحياد بل تحمل وعيا منحازا ورؤية للعالم ( لوسيان غولدمان ) .لذلك كان من الطبيعي ونحن نواكب سخونة الاحداث في قيلم (السقطة )في تفاعلها وتشابكها نلاحظ وجود بؤرة او خيط واضح تتركز حوله الاحداث . فالفيلم يروي ويتتبع وقائع بداية سقوط ونهاية الرايخ الثالث الالماني بامجاده العسكرية وفتوحات قيصر المانيا الزعيم النازي ادولف هتلر  واضمحلال حلمه بان العرق الاري صانع ام الحضارات سيحكم العالم الف عام .كما يترصد المخرج من خلال هذا البيدر الفني حالة الانهيار النفسي وموجة الجنون العارمة التي المت بهذا القائد التاريخي المصاب بداء الميغالومانيا ( مرض جنون العظمة ) . وتضخم الانا . ثم حالة الشعب الالماني وهو يترقب الهزيمة ودخول الحلفاء الى برلين قلب دول المحور النابض .اما على مستوى السيناريو والحبكة الفيلمية فهو يتناول بالتفصيل قصة فتاة المانية ( ترودل ) وقد ترشحت لاجتياز امتحان قبولها ككاتبة خاصة للزعيم النازي برفقة مجموعة من المتباريات ورغم تعثرها اللغوي وضعفها في اللغة الالمانية قبلها ادولف هتلر واختارها دون سواها لكونها فقط من مدينة ميونخ ودلالة هذه المدينة وقيمتها التاريخية لدى هذا القائد الالماني فهي بداية امجاده ومرحلة التأسيس للحركة الوطنية الاشتراكية الالمانية ( الحزب النازي ) وبها امضى فثرة شبابه كفنان تشكيلي واول احلامه في تحقيق  بناء دولة المانيا الكبرى ومشروع المجال الحيوي وفيها الف كتابه العمدة (كفاحي ) .تم تتوالى وتتناسل الصور والاحداث الراعبة والمفزعة لضحايا الحرب العالمية الثانية التي تدور رحاها في شوارع برلين ومناظر الجثت والاشلاء المتطايرة هنا وهنالك من جراء قصف طيران الحلفاء تم المعطوبين وانينهم قد بلغ قبب السماء .كما ركزت الكاميرا على مشهد تجنيد الاطفال والمسنين واجبارهم على القتال تم اقدام فرق الحرس النازي على شنق رجل عجوز رفض خوض الحرب .فيلم شديد الجودة والتميز والتكثيف .لاشك ان المخرج قد سلط الضوء على المنطقة السرية الرهيبة التي تسعى للهيمنة على العالم وتختزل كل الشرور ونقصد بها المخبأ السري في بورشغادن او عش النسر الذي كانت تنبتق منه كل الخطط الحربية للسيطرة على العالم .الفيلم كشف عورة القيادة السياسية والعسكرية بافلاسها الاديولوجي واندحارها العسكري ثم الخيانة التي قصمت ظهر الفوهرر بفرار ابرز قادته (هاينريش هملر ) قائد الجستابو ( الشرطة السرية ) . فالشابة الحسناء ترودل التي رافقت الزعيم المهزوم طوال عشرة ايام قبل اقدامه على الانتحار هو وعشيقته (ايفابراون ) تتدفق مشاعرها وتجهش بالبكاء لعدم قدرتها على التحمل وهي ترى رموز الدولة النازية المحتضرة وهم يتساقطون الواحد تلو الاخر وصراخ هتلر الجنوني في وجه جينرالاته الذين عجزوا عن دحر العدو وكبح جماح طلائع الجيش الروسي وهو يتقدم نحو مخبأه السري .ثم الحفلات الراقصة الصاخبة للمجتمع المخملي الالماني في غيبوبته الكاملة وعدم احساسه بقرب النهاية ومعانات الشعب الالماني . فالسينما في نهاية الامر لا تتكلم الا لغتها الخاصة ربما كان هذا الفيلم افضل تجربة سينمائية عالجت واقتربت الى حد كبير من خبايا الرايخ الثالث وهو ينهار ومن محيط زعيمه والحلفاء يطرقون باب غرفته واساطير كتابه كفاحي وهي تدروها الرياح .

بقلم الناقد الادبي واليينمائي ناصر الحرشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق