اخبار عاجلة

لمحة عن رواية (اللص والكلاب ) لنجيب مخفوظ . البطل بين الطوباويات واوكار الخيانات .

يعد تقطيع النص عملية اجرائية مهمة بحسب مقتضيات المنهج السيميائي السردي . فالتقطيع هو السبيل الوحيد في فهم النص والاخذ بتلابيب تشكل دلالاته . وكل مقطع سردي ( غريماس ) قادر ان يكون لوحده حكاية مستقلة بذاتها . ويرتبط تقطيع النص حسب غريماس بمعايير اهمها الفضاءات النصية والتيمات المثتالية في تناسل خطاب النص والمكونات الخطابية المختلفة مثل التزمين، التفضيئ وكل ما من شأنه ان يضيئ دلالات الخطاب . من خلال هذه المحددات السيميائية للمقطع ينقسم هذا النص مناط التحليل لرواية اللص والكلاب الى ثلات مقاطع رئيسية .

– المقطع الاستهلالي يرتبط بخروج سعيد مهران من السجن تم محاولة استرجاع ابنته سناء وكتبه والانتقام من غريمه عليش سدرة وزوجته الخائنة نبوية بحارة الصيرفي اللذان خاناه بعد دخوله السجن وذلك بتورطه في اعمال اللصوصية .

– المقطع الوسطي : تتخلل هذا المقطع مجموعة من التداعيات كسرت الترتيب المنطقي للاحداث كتذكره وهو في مقام الشيخ علي الجنيدي لطفولته ولايامه الخوالي مع نبوية وتقديره السابق لاستاذه وزاده الايديولوجي رؤوف علوان الذي لقنه ابجديات الفكر الاشتراكي والتدرب على السلاح قبل ان يخونه هذا الاخير بعد ان طوى اللواء وقلب المعطف زمن النظام الجديد ( ثورة الضباط الاحرار ) وانضمامه الى الارستقراطية العسكرية الجديدة مديرا لتحرير مجلة الزهرة اللسان الصادح لافكارهاثم اغتنائه وثرائه بعد ان ادار ظهره لامثال سعيد مهران كما ادارت الثورة ظهرها لجماهيرها وتفكير سعيد مهران في قتله وسرقته ليصفي حسابه معه .

المقطع النهائي : اللجوء الى بيت المومس نور الملجأ والملاذ من اوكار الخيانات ثم السقوط المدوي في مقبرة القرافة على يد رجال الشرطة ومطارديه من الكلاب الادمية بعد فشل عنفه الفردي والرصاصات الطائشة التي لم تصب الا المقهورين من ابناء جلدته الطبقية .فالقبة السيميائية التي ثمتلها صورة الغلاف كعتبة اولى للنص تظهر في هذا المقام الكلب كحيوان ينصرف عن  مدلولاته كالالفة والوفاء ليفيد الكون القيمي المرتبط بالكلب الادمي في مجتمع اللصوص والكلاب الذي من سماته المميزة العربدة والخيانة والدسيسة والخديعة . فمن يكون هذان الكلبان الادميان في صورة الغلاف !  اذا كان اللص الذي  يرمي بالمسدس نحو الفراغ هو سعيد مهران العامل الذات بلا شك فالعامل القيمي للكلب الادمي لا ينطبق الا على شخصيتين عاملين اثنين في الرواية هما رؤوف علوان وعليش سدرة لانهما خانا سعيد مهران اذن يصوب نحوهما لقتلهما انتقاما لشرفه وانتقاما من اللذين اقبروا احلامه وغيابه عن الانظار كما في الغلاف بعدم تحقق الرغبة مما يحيل تلقائيا الى فشل البرنامج السردي وعدم حصول العامل الذات على موضوع القيمة اي القتل والتخلص من اعدائه وهذا هو مضمون خطاب الرواية النقدي ( الوعي الفوضوي ) في تعريتها ونزعها لعفاشة ثورة الضباط الاحرار التي تحولت الى سلطة مسوخ بعد خيانتها للمبادئ التي نادت بها وتجمد عسكرييها في صقيع الكراسي والامتيازات وعدم قضائها وتصفيتها لاعداء الامة الحقيقيين .

بقلم الناقد الادبي والسينمائي ناصر الحرشي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق