اخبار عاجلة

صافي الدين البدالي . فرنسا دولة مخادعة .

برزت على السطح الدبلوماسي هذه الأيام أزمة سياسية بين المغرب وفرنسا . و اخدت بعض المواقع الإعلامية الموضوع لتجعل منه مادة دسمة من خلال تجميع بعض التصريحات من الجانب الفرنسي في شخص الرئيس التي تارة ما تكون مبتورة و أيضا إعطاء زيارته الأخيرة للجزائر صبغة انقلابية على العلاقات الفرنسية المغربية التي ظلت كما كان يبدو تتسم باحترام متبادل ظاهريا على الأقل. لكن ما هي الأسباب و الدوافع التي جعلت فرنسا تتخذ بعض المواقف ضدا على مصلحة المغرب و التي تتجلى خاصة في ضبابية الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية ؟ و ماذا تريد فرنسا من المغرب حتى ينال رضاها؟ . إن المناخ العلاقاتي بين البلدين يجعلنا نستحضر فرنسا في علاقتها مع المغرب منذ بداية القرن التاسع عشر و السمات التي طبعت هذه العلاقة.
1 – إن السمة الأساسية التي طبعت العلاقة بين المغرب وفرنسا هي علاقة بلد مستعمر و بلد مستعمر (الفتحة فوق الميم ) ، تلك العلاقة التي تأسست على الخدعة الفرنسية التي تجلت من خلال عدة موقف :
أولا المؤامرة الأولى مع اسبانيا من اجل تقسيم المغرب الى مستعمرات فرنسية و اسبانية في اتفاق سري سنة 1903 . وكانت معاهدة 8 أبريل 1904 اعترفت لإسبانيا بحق احتلال منطقة سيدي افني و منطقة وادي الذهب و وقع كذلك اتفاق سري ضد المغرب بين رئيس جمهورية فرنسا و ملك إسبانيا بتاريخ 3 أكتوبر 1904 يحدد المناطق الفرنسية و الإسبانية و وقع اتفاق سري بين الدولتين الإسبانية و الفرنسية بتاريخ فاتح شتنبر 1905 لتطبيق اتفاق 3 أكتوبر 1904 المشار إليه آنفا.
2 – اتخذت فرنسا من عقد الحماية مدخلا استعماريا لتكشف عن حقيقتها الاستعمارية بالرغم مما نصت عليه معاهدة الحماية التي وقعت في 30 مارس 1912 حيث تنازل بموجبها السلطان عبد الحفيظ عن سيادة المغرب لفرنسا، جاعلا بذلك المغرب تحت الحماية و بموجب اتفاقية بين فرنسا وإسبانيا في نوفمبر من العام نفسه حصلت إسبانيا على محمية في شمال المغرب تضم منطقة الريف في الشمال و منطقة إفني وطرفاية في الجنوب الغربي للمغرب ، منطقة طرفاية جنوب نهر درعة. حيث ظل السلطان ذو سيادة إسمية فقط، وكان يمثله في سيدي إفني نائب للملك تحت سيطرة المندوب السامي الإسباني. و من تم قامت فرنسا و إسبانيا بتقسيم المغرب إلى 3 مناطق :
المنطقة الشمالية، أي الريف والمنطقة الجنوبية اي إفني وطرفاية تحت الحماية الإسبانية و
المنطقة الوسطى تحت الحماية الفرنسية. أما
مدينة طنجة خضعت لحماية دولية. و قد
نصت معاهدة الحماية (30 مارس 1912) على مايلي:« تأسيس نظام جديد بالمغرب يشمل الإصلاحات الإدارية و المالية و العدلية والتعليمية والاقتصادية والعسكرية و احترام هذا النظام لحرمة السلطان وشرفه و احترام الشعائر الإسلامية و تأسيسات الأحباس»
3 – دخول فرنسا للمغرب بعد عقد الحماية دخولا استعماريا و همجيا عكس ما جاء في عقد الحماية ، و من تم أصبح المغرب بلدا مسلوب الحرية و الإرادة و يتعرض الى نهب أراضيه وثرواته الوطنية.
4 – المؤامرة الثالثة: بعد السيطرة التامة على الجزائر سعت فرنسا إلى الانتشار شرقا وغربا، وبذلك تمكنت من زيادة أراضيها على حساب الجيران، فكان التراب المغربي منتهكا واستطاع المستعمر الفرنسي ضم الصحراء الشرقية الغنية بالبترول، فهذه الأراضي الشاسعة المقتطعة من الأراضي المغربية غصبا اعتبرتها فرنسا جزء من أراضيها، وذلك حسب طموحها التوسعي الذي يعتبر أرض الجزائر مجرد مقاطعة أخرى لفرنسا وتكملة لأراضيها المتواجدة بالقارة الإفريقية , و بذلك أصبحت أرض المغرب مجرد مجال لامتداد الأراضي الفرنسية إلى أراضي المغرب وضمها الى التراب الجزائري ظلما و عدوانا .
5- المؤامرات السياسية :
ا – لخلخلة الروابط الأخوية بين المغاربة اقدمت فرنسا على محاولة استصدار الظهير البربري الذي يهدف إلى تقسيم المغرب إلى قبائل بربرية وعربية للتحكم أكثر في البلاد.لكن المغاربة انتفضوا قاطبة ضد هذا الظهير المشؤوم .
ب – بعد فشل فرنسا في القضاء على اتساع دائرة المقاومة التي شملت كل المناطق المغربية لجأت الى نفي الراحل محمد الخامس و محاولتها تنصيب سلطان جديد الذي هو بن عرفة الذي لا يتجرأ على فرنسا بالمطالبة باستقلال البلاد
ج – استغلال الفقر والبطالة نتيجة سيطرة فرنسا على خيرات البلاد
لتجنيد الشباب المغربي للحرب من أجل تحرير بلادها من الاستعمار النازي و استعمار بلدان في آسيا . إنها المفارقة الغريبة التي تنهجها هذه الدولة لحماية نفسها ومصالحها على حساب الشعب المغربي.
ج – فرض ثقافتها على الشعب المغربي بإنزال تعليم طبقي و عنصري لطمس الهوية الوطنية و لا زالت تداعيات ذلك تلقي بظلالها على الساحة التربوية و الثقافية حتى الآن .
د – قمع الحريات وتوسيع دائرة السجون و الاعتقالات والاختطافات والاغتيالات في صفوف المواطنين و المواطنات و مواجهة الانتفاضات الشعبية بالرصاص والمدافع والدبابات .
انها فرنسا التوسعية، فرنسا التي اختطفت الشهيد المهدي بنبركة و تنكرت له و للمغاربة. إنها فرنسا التي تريد مغربا ضعيفا ودون إرادة سياسية ودون بناء اقتصادي وطني ودون ان يرقى الى بلد صناعي وتشاركي مع الدول الافريقية.
إن فرنسا لم تكن صداقتها مع المغرب مبنية على الصدق والتعاون الحقيقي من أجل المغرب و مصلحة المغرب لا من اجل فرنسا ومصالحها فقط .
إن الواجب بقتضي منا وضع فرنسا في الخانة التي تليق بها كدولة استعمارية عبر التاريخ وما يهمها هو شعبها أن يكون بخير على حساب الشعوب الافريقية وكذلك على حساب الشعب المغربي .
البدالي صافي الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق