اخبار عاجلة
سيرة من حياة رجل من كبار مغرب القرن العشرين سي عبد السلام السرغيني.
بقلم عبد الله بوزيد.
تحية الى كل الاصدقاء،سعيد ان تتقبلوا سيرة هذا الرجل كتكريم منا جميعا لشخصه ولمنجزه ،ولم لا التفكير من طرف ذوي الكفاءات في احياء ذكرى الرجل من اجل اشاعة الفكر التنويري الاصيل ،في زمن لم تنته منه الخرافات والاساطير بالمفهوم البارطي .اترككم مع هذه السيرة من حياة رجل من كبار مدينتنا.سي عبد السلام السرغيني
احد كبار مغرب القرن العشرين
لما عانق هذا الوليد ” سي عبد السلام” الحياة احد الايام من سنة 1297هج—1889م بمدينة مراكش، كان الوالد السيد بولخير البومنيعي، قد غادرها رحمة الله عليه من دون ان ينعم بطلعة هذا الابن الذي سيكون له شان كبير في تاريخ المغرب الثقافي للقرن العشرين، ذلك انه تركه جنينا في بطن امه ، والتي توفيت بدورها وهذا الابن ” سي عبد السلام ” لم يتجاوز الاربع سنين ليتكفل به خاله، الذي بدأ بتعليمه ما تيسر من القرآن الكريم ، ليتوفي بدوره الى رحمة الله دون ان يشتد عود طفلنا بعد.
ويكون اليتم عنوان هذه المرحلة، بكل ما تعنيه وجدانيا اولا ولدورها الحاسم في بناء الشخصية والتنشأة لكل انسان ثانيا .
ادت هذه الوضعية بالطفل ” سي عبد السلام ” رفقة اخيه سيد الشيخ والدي يكبره بعشر سنوات ، الى الالتحاق بدوار اولاد سي بومنيع كملاذ ،باعتباره اصل الوالد والذي به اهله ، والموجود طبعا باقليم قلعة السراغنة ، ومن هنا هذا اللقب ” السرغيني ” الذي سيصاحب هذا الرائد الكبيرفي الفكر والوطنية ، والذي عرف به الى يوم الناس هذا : “سي عبد السلام السرغيني “.
بهذا الدوار ،اولاد سي بومنيع ،ستبدأ بوادر النجابة تظهر على الشاب ، او بالاحرى المراهق “سي عبد السلام “، الذي اخذ عن الفقيه سي احمد بنرمان القراءات السبع ،وقد ابدى شغفا كبيرا على تحصيل العلم ، حيث ، وحتى وهو يرعى الغنم ، ظل اللوح رفيقه ، قصد تعميق حفظ القراءات ،والذي لم يكتمل إلا بالرحيل الى اولاد سيدي الحطاب للتمكن من قراءات اخرى كسيد البصري.
ومن هذا المستوى، سيشد الرحال الى مدرسة جمعة للا ميمونة بالغرب، عند الفقيه الصوفي السني سي عبد الكبير، والبومنيعي هو ايضا..وتعتبر هذه المرحلة من المحطات الفارقة في مسار وحياة فقيهنا هذا..هنا ببلاد الغرب ،ومع الفقيه سي عبد الكبيرالبومنيعي، تمكن من المتون الفقهية المؤسسة ، وقواعد اللغة ، في علاقة الشيخ والمريد،الى ان فاجأه استاذه هذا ذات صباح ،مشيرا عليه بالتوجه الى مدينة فاس،عاصمة العلم ومجمع كبار العلماء والصوفية ومقر جامعة القرويين التي كانت ذات زمن ، اكبرجامعة عالمية.
فاس، التي دخلها فقيهنا وهو لم يقفل عقده الثاني،ذات يوم من سنة 1310هج،سيمكث بها 35سنة طالبا واستاذا مفوها بالمدرسة الادريسية و بجامعتها ،ولازالت احدى السواري بالقرويين تحمل اسمه الى اليوم.حيث درس وحاضر الى جانب كبار العلماء.
“سي عبد السلام” الاستاذ والعالم
كما تتلمذ فقيهنا كطالب علم، على يد كبار علماء وفقهاء القرويين من امثال شيخه العلامة احمد بلخياط، كذلك تخرج على يديه وهو استاذ بذات الجامعة كما سبق ،شباب من الدين طبعوا تاريخ الفكر والوطنية لمغرب ما قبل الاستقلال وما بعده، ندكر منهم وعلى الصعيد الوطني ،الاستاذ الزعيم علال الفاسي والاخوة باحنيني ومحمد الفاسي اول مدير لليونسكو الخ…اما على الصعيد المحلي فندكر الشيخين الفاروق الرحالي وسي محمد العربي بلبهلول وسياتي الحديث عنهما متى سنحت الظروف.
كلهم نهلوا من معين فقيهنا السرغيني بنفس القدر الدي حصلوه من باقي اساتذة وشيوخ القرويين،ونخص بالدكرالعلامة محمد بن العربي العلوي وابي شعيب الدكالي ،اللذين وبمعية العلامة سي عبد السلام ، يعتبرون من رواد السلفية الوطنية او السلفية النهضوية ،التي اعتبرت في حقبتها، وبشهادة عدد من المفكرين المغاربة الحاليين،اقول اعتبرت سلاحا نظريا تقدميا ضد الاستعمار وسلاح انعتاق فكري ضد التقاليد البالية والخرافات والجمود. وهكذا كان من مهام هذه الحركة استنهاض الهمم ومحاربة الخرافة والتواكل، وهي لعمري مهمة شاقة وصعبة .
سي عبد السلام القاضي لابد هنا من الاشارة ،الى ان هذا الثلاثي ابا شعيب الدكالي و سي عبد السلام السرغيني وبلعربي العلوي والدين جمعتهم نفس الفكرة او التوجه الايديولوجي وتطابق الرؤى ، كذلك جمعت بينهم صداقة كبيرة، وكلهم ارغموا على القضاء،وهكذا جمعتهم وزارة العدل في نفس الزمان والمكان، حيث تقلد ابو شعيب منصب وزير للعدل والشيخ بلعربي رئيسا للمجلس الاستئناف الشرعي(ما يقابله اليوم محكمة النقض)،وسي عبد السلام مستشارا بذات المجلس ،الى ان عين قاضيا بالقلعة من سنة 1939 الى 1941سنة وفاته رحمة الله عليه.
وحتى لا اطيل فيما يخص علاقاته هنا ببلده ومجالسيه وحياته مع اسرته،رغم لما لهذه العوامل من اهمية ،ساقف عند قصة السدرة التي كان لها حضور في بنية المعتقدات والطقوس المشكلة للتدين الشعبي،حيث كان الناس يزورون ويقدسون هذه السدرة،انطلاقا من ايمان متجدر في وعيهم، الشيء الدي استفز الفقيه القاضي ،الذي امر باجتثاث هذه السدرة، وعند رفض الجميع ، تصدي بنفسه لهذه المهمة التي اجهدته ، خاصة وهو يشكو من نقص كلوي،مما اصابه بحمي فسرها العامة، بانها لعنة السدرة المقدسة والتي كانوا يطلقون عليها ” سيد الحاضي “.مما حدا ببعض النسوة ان يرددن: “سيد الحاضي –اضرب سيد القاضي – جابو ناضي “.انها قصة تثير الضحك وايضا تثير الشفقة على مستوى التفكير في راهن ميزته الخصاص والاستعمار.كذلك نشير،ان سي عبد السلام،ورغم ما يتمتع به من جاه وسلطة ،عاش زاهدا الى درجة انه مات ولم يخلف دارا لابنائه الدين اضطروا الى بيع ما تملكوه من اثاث للتغلب على متطلبات الحياة.رحم الله هذا الرائد ،الذي ركب الصعاب .لينحث اسمه مع الماهدين الخالدين بتعبير الاستاذ غلاب.وتحية اعتزاز وافتخار الى ابن الفقيه استاذنا سي عبد الله السرغيني والى حفيده الاستاذ عبد الوهاب حنين والى كل عائلة الرائد “سي عبد السلام السرغيني”.
شهادات:
1–
السلفية وآثارها في النهضة الإسلامية
محمد الفاسي
لعدد من مجلة دعوة الحق 20
.
وان تاريخ الحركة الوطنية بل الفكرة الوطنية نفسها يرجع الفضل في بثها ونشرها إلى شيخ الإسلام ابن العربي ومن كان معه من بعض العلماء السلفيين كشيخنا السيد عبد السلام السرغيني رحمه الله، وكثيرا ممن تتلمذوا لابن العربي كانوا أيضا في نفس الوقت تلاميذ للسيد عبد السلام السرغيني.
وقد لقت هذه الحركة أيضا مقاومة من طرف القبوريين وكان أقطاب السياسة الأهلية من رجال الحماية يساندون الجامدين ويضطهدون بشتى الوسائل دعاة الإصلاح وبدأت آثار هذه الدعوة تظهر في ما يكتبه الشباب من مقالات في الصحف خصوصا في صحافة الجزائر وقد تأسست فيها جمعية سلفية أسسها المصلح الجزائري الكبير عبد الحميد باديس رحمه الله وهي جمعية العلماء التي كان لها اكبر الفضل في إحياء الفكرة الوطنية الإسلامية في القطر الشقيق وقل من شباب ذلك العصر من لم يشارك بقلمه في هذه الحملة التي كانت هي المظهر الأول للوطنية ببلادنا.
حتى أن أول مقالة كتبتها بالفرنسية وأنا لا أزال تلميذ بثانوية مولاي إدريس كانت حول عيساوي ونشرتها في جريدة تصدر بباريس بينت فيها أن الضلالات التي عليها هذه الطائفة لا تمت للإسلام بصلة بل لا علاقة لها مطلقا بتعاليم الشيخ محمد بن عيسى وأوردت ترجمته بهذه المناسبة. ونشرت في هذه المدة الكتب والرسائل الصغيرة في الدعوة إلى الإصلاح ومحاربة البدعة في الموضوع كان ألقاها في غفلة من عين السياسة الأهلية الأستاذ عبد السلام السرغيني رحمه الله.
وتسربت الفكرة الإصلاحية كذلك إلى القصر بواسطة السيد المعمري وهو صديق لابن العربي ومقتنع بالفكرة السلفية وقد كان أستاذا لصاحب الجلالة محمد الخامس نصره الله، فشب ملكنا على هذه الروح الوثابة نحو الإصلاح والتحرر التي كانت ميزة حركتنا الوطنية، فكان تكون المجالس على العرش وتكون الشباب الذين اضطلعوا بالدعوة الفكرية الوطنية واحدا يستقي من نفس المنابع الطاهرة: القرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى السلف الصالح.
وان هذه الحقبة من كفاحنا حيث كانت كل الجهود متجهة نحو محاربة البدع والعوائد الفاسدة وذم التقليد الممقوت تستحق دراسة خاصة لأنها هي التي طبعت فكريا الحركة الاستقلالية التي نشأت في هذا الوسط الإصلاحي وترعرعت فيه وجعلت مبادئها مستمدة من مبادئه
.2
—المسامرة:باختصر ،المسامرة هي عبارة عن محاضرات ،الف علماء القرويين على القائها ليالي رمضان بالمدرسة الادريسية،وهي بمثابة الدروس الافتتاحية لكبريات الجامعات،او كوليج دو فرانس.وتبقى مسامرة العلامة القاضي سي عبد السلام السرغيني ،في موضوعة :”السنة والبدعة”،بمثابة مرجع اساسي .هذا ما عثرت عليه في كثير من الاحالات.3—بمثابة ملحوظة :تعمدت الحفاظ على بعض التسميات كما هي متداولة ودون اخضاعها لمتطلبات الكتابة الاكاديمية للحفاظ على” حميمية محلية”كقولنا سي عبد السلام مثلا.اتمنى ان نكون قد اعطينا لهذا الكبير شيئا من حقه علينا، هو الذي اعطى للمدينة شهادة على انها ؟؟؟(.منقول)