اخبار عاجلة
زينب قرواني تناقش رسالة الدكتوراة حول هاجس التحديث الإداري والترابي في ظل المتغيرات المجتمعية بجامعة الحسن الأول بسطات.
هنيئا للدكتورة زينب قرواني على مجهودها الأكاديمي المثمر وأننا في الحياة الان نعتز ونفتخر بالمرأة المغربية الباحثة والحاملة للرسالة العلمية النبيلة.
هذا ملخص دراسة الدكتوراة المعنونة ب هاجس التحديث الإداري والترابي في ظل المتغيرات المجتمعية.
يعيش العالم اليوم تغيرات قصوى، بنمط جديد من التطور، فرضها التقدم العلمي والتكنولوجي السريع. فوصفت الدولة الحديثة بأنها دولة إدارة، باعتبارها أداة لها في كل ابعادها الثقافية، الاجتماعية، البيئية، السياسية والبعد الاقتصادي. لذلك لا تزال تظهر في مختلف دول العالم اتجاهات تؤكد ضرورة تحديث الأنظمة والهياكل الإدارية وأساليبها وآليات تقنين عملها، من أجل الرفع من مستوى كفاءة ونجاعة الأجهزة الإدارية والترابية. مع اعتبار المدخلات الدولية والمتغيرات الوطنية التي تساهم بشكل كبير في رسم عدة مشاريع إصلاحية، استهدفت تقويم مجموعة من العناصر الأساسية في الإدارة العمومية والعمل على تجسيدها على مستوى الإدارة الترابية بغية تجاوز أوجه القصور فيها، وارتكزت أهم المبادرات الإصلاحية التحديثية، في الآليات الدستورية والقانونية والتنظيمية والعمل على تطوير وتأهيل الموارد البشرية، بالإضافة إلى تحديث التدبير المالي، بمعنى القيام بتحديث إدارة الدولة بشكل شامل وعام، لمواصلة التقدم والتطور لتحقيق التنمية.
كيف ساهم مطلب التحديث في تجويد القطاع الإداري العمومي، وعلى نجاعة البعد الترابي في ظل المتغيرات المجتمعية التي عرفها المغرب ؟
وقد ارتئينا التصميم التالي لتحليل أعمق للدراسة:
من خلال التقسيم التالي:
القسم الأول: سياسة التحديث الاداري لتجديد القدرات التدبيرية للإدارة العمومية
القسم الثاني: التحديث الترابي في ظل المستجدات والمتغيرات المجتمعية الراهنة
القسم الأول: سياسة التحديث الاداري لتجديد القدرات التدبيرية للإدارة
عرف المغرب مجموعة من العوامل، دفعت به إلى تحول نوعي في اتجاه ليبرالية سياسية أكثر انفتاحا، حيث تميزت مرحلة بداية العشر الثانية من هذه الألفية بصعود نقاش سياسي وقانوني ومؤسساتي إلى الواجهة ما قاد إلى ميلاد دستور جديد بروح تلائم روح العصر. كما أن المتغيرات الاجتماعية فرضت على الإدارة العمل بشكل أكبر من أجل تطوير التماسك الاجتماعي عن طريق أدوات التنظيم، ومتغير آخر تعلق بالتطور الاقتصادي الذي يعرفه المجتمع.
ولم يتم الوقوف عند هذا المتغير بل أيضا دراسة المتغير الأخلاقي والسلوكي لدى الموارد البشرية في الإدارة العمومية.
وفي هذا القسم كذلك تم دراسة سوسيولوجيا الإدارة المغربية بعد استقراء المتغيرات الدولية والوطنية، واقع الادارة المغربية التي تعاني من عدة اختلالات . لهذا تطلع إلى تجديد سياسته تدبيرية حديثة نحو تبني مبدأ التدبير العمومي الجديد بكل مبادئه الذي جاء بمجموعة من الوسائل والآليات الحديثة من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة سواء على المستوى الإداري لذلك نجد حضور الإدارة الرقمية بشكل كبير في كل البرامج الإصلاحية.
أما القسم الثاني تضمن التحديث الترابي في ظل المتغيرات المجتمعية الراهنة
اعتمد المغرب خيار نحو الجهوية المتقدمة، كمدخل للحكامة الترابية بما يفرضه من إصلاحات بنيوية عميقة، واستنتاج سمو مكانة التنمية الترابية في منظومة التدبير العمومي. هذا ما أكده الملك محمد السادس حين قال: “سيظل إصلاح القطاع العمومي يتصدر اهتمامنا، وبالرغم مما يعرفه هذا القطاع من تطور، فإنه لم يصل بعد إلى تحقيق التطلعات الكاملة للمواطنين، والاستثمار الأمثل لكل القدرات التي تزخر بها بلادنا، لذا يتعين إصلاح التدبير العمومي وعصرنة أجهزة الدولة وعدم تمركزها”.
لذلك تجد الميثاق الوطني للاتمركز الوطني يطمح لتبني أساليب التدبير العمومي من أجل ملاءمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية بأسلوب التدبير العمومي الحديث تركيزه على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ،وجعل المواطنة ثقافة راسخة تسعى لنمو وعي الفرد وتحقيق إرادته إلى جانب نمو وعي الدولة لتجسيد خطة وأهداف التنمية الشاملة اعتمادا على تفعيل المقاربة التشاركية في التحديث .
في ظل هذه السياسة اللاتمركزية التي نهجها وفعلها المغرب، طرأت عدة متغيرات على المستوى العالمي بصفة عامة وعلى المستوى الوطني بصفة خاصة، فالأولى تمثلت في جائحة فيروس 19 التي جعلت المغرب بكل مؤسساته وترسانته القانونية يعمل على تدبير حديث يوافق ويلائم تلك التداعيات على جميع المستويات،
وأن دراسة للبحث قد تزامن مع استراتيجية النموذج التنموي الذي نادى به الملك، والذي جعل الحكومة تعيد النظر في نموذجها التنموي الذي تمت صياغته قُبيل الجائحة في شكله التشاوري التشاركي مع مختلف مكونات المجتمع ،قد أعطى صورة مغايرة لما تم التطلع إليه خاصة أنه أزال الغطاء على بعض التشوهات التي تنخر جسد الدولة.
الخروج بتوصيات
تجنب التقليد الأعمى والحلول الجاهزة الغربية، لأن الخصوصية تختلف لكن لا ضير من الاستفادة من التجارب الأجنبية.
العمل على تحديد الأهداف، وفق الواقع المغربي وإمكاناته المادية والبشرية، بل حتى ثقافته ومستويات مسيريه الإدارية والمنتخبة.
السير قدما في تفعيل المضامين الدستورية، والقوانين التنظيمية خاصة المتعلقة بالشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة والمقاربة التشاركية.
ترشيد الميزانية ونهج تدبير أمثل، عبر إقرار مبادئ التدبير العقلاني وتبني نموذج التدبير التشاركي بين جميع الفاعلين على المستوى الواقعي، قبل وأثناء وبعد بلورة السياسات العمومية.
تثمين الرأسمال البشري، بتقوية الإطار المؤسساتي ورقي منظومة تدبير الموارد البشرية، باعتماد مناهج حديثة تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم: الوظائف والكفاءات، تقييم الأداء وتعزيز التكوين المستمر، الاستحقاق والشفافية على المستوى الإداري والترابي.
تفعيل مرسوم تبسيط المساطر والإجراءات، لتحسين مستوى الإدارة ومسايرة التقنيات الحديثة، لضمان السرعة في الإنجاز والرقي بجودة الخدمات.
حث الأحزاب على صناعة نخب مؤهلة، لتدبير جيد والسهر على ترسيخ وتكوين مواطنين مستعينين بالقيم المجتمعية وروح المسؤولية.
إيلاء اهتمام خاص لتعزيز الثقافة القيمية المجتمعية داخل المجال الإداري والترابي لتدبير أمثل وأنجع.
الاعتراف بالبعد الديمقراطي لمبدأ المساواة بين الجنسين، وقدرته على دعم الحكامة الجيدة بإدماج الإصلاحات المرتبطة بتدبير الموارد البشرية عبر آليات ووسائل وقائية وتصحيحية.
تسريع عناصر الميثاق الوطني لكسب رهان التوزيع الجديد للمهام، بين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة من أجل اضطلاع الأولى بمهامها الرئيسية في التوجيه الإشراف والمراقبة والتقييم.
وعليه فإن عملية التحديث بنسقيه الاداري والترابي بالمغرب تعتبر مطلبا أساسيا، نظرا إلى المستجدات والتحولات التي يعرفها المغرب على جميع المستويات، للتعبير عن الرغبة في الانتقال من تكدسات إصلاحات باهتة إلى استراتيجية حديثة شاملة كاملة، تتميز بالاستمرارية والاستدامة والاندماج القوي لكل القوى الحية.