اخبار عاجلة
بماذا تحلم الذئاب» لياسمينا خضرا: أوركسترا الجماجم وصناعة الإسلاموفوبيا
«بماذا تحلم الذئاب» لياسمينا خضرا: أوركسترا الجماجم وصناعة الإسلاموفوبيا
تأتي رواية «بما تحلم الذئاب» كتجربة كتابية تزداد غنى وامتلاء، وهي تحمل هاجسا لا يعيشه إلا الكتاب الجادون بتجربتهم الحياتية، والذين أجادوا بأسلوبهم الأخاذ والشفاف في صناعة الدهشة الصادقة عبر تكثيفها الصدام بين ثقافة الأنا والآخر. وهو شيء لا يقوى عليه إلا من يجيد حبكة القبض على جمرة الخيط الروائي.
هذا العرس الحكائي المعمد بالدم للكاتب الجزائري ياسمينا خضرا (محمد مولسهول) وهو عمل منشور باللغة الفرنسية، صاحب اللسان الفرنسي المطواع، هو ذا يخوض مأزق الممارسة النصية بلغة الآخر باحترافية كبيرة، مبرهنا عن تلاحم متعة المتخيل بالمشهد الكابوسي الذي عاشته جزائر التسعينيات. فهو يتقن التناور المقامي بالكلمات بطريقته الخاصة، مصالحا صلادة التاريخ بقبح اليومي، وتلك هي اللعبة السحرية التي يمتلكها قلم قدير مقبل من صحراء الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، قبل أن يمزق جسد هذا الوطن بحراب العساكر وسواطير الإخوة المتأفغنين .
يتنامى الصراع في غمرة هذا الشلال السردي، تتقلده شخوص تتميز بالتوتر تتسلل حركة في قلب الأحداث وفي بؤر من التوتر تختلف نسبيا من الخاص إلى العام، وفي رحلة من الهلع الجماعي، حيث يظهر البطل وليد نافع، الإسلامي المتطرف والمنضوي تحت لواء جماعة أصولية مسلحة، الذي تحول إلى أمير في إحدى هذه الجماعات، وهو ينحر طفلا رضيعا ومريضا، وهو يسائل نفسه مدينا إياها في لحظة من لحظات ندمه على اقتراف هذه الجريمة، لماذا لم يتدخل الملاك جبريل ليمنعه من ارتكاب هذا الجرم الشنيع، ثم وهو محاصر مع بضعة مقاتلين في بناية في العاصمة الجزائر، بعد أن باغتتهم قوات النظام في أحد الصباحات الشتائية الباردة. يلح السؤال في السر ويطرحه الكاتب ضمنيا إلى أي حد يمكن أن يكون الفيروس الخبيث قد تفشى؟
في صراع ينداح بين أناس محكوم عليهم بالهلع في مشهد حياتي مرصع بالموت، وهي أنشطة كلها تنبع من رحم سؤال واحد وضعه الفيلسوف سقراط كيف ينبغي للمرء أن يحيا وسط دوامة العنف هذه؟ فياسمينا خضرا يتقلد فعل الكتابة لا نشدانا للتسلية، بل تعرية بحركة فنية للقبح المقرف من علل المجتمع، هذا الأخير الذي ضاع فيه الإنسان وغاب عنه الإله بلغة لوسيان غولدمان، فقد أنزل الكاتب الجزائري ياسمينا خضرا الأدب الروائي من برجه العاجي ليعانق هموم المجتمع وليتحدث بنبرة فجائعية عن الدولاب الدموي الذي اكتسح الجزائر، بعد إجهاض التجربة الانتخابية من طرف الجيش، وذلك لقطع الطريق أمام الإسلاميين. فصور القيم المجتمعية المهترئة بعد جزائر الثورة الموؤودة والتنديد بالتسلط الفردي البورجوازي وسيطرة البورجوازية الكمبرادورية الجزائرية على وسائل الإنتاج والتحكم في رقاب الطبقات الدنيا. لذلك كان النص الروائي ينطلق من خلفية تاريخية واجتماعية، أي قصة الصراع الاجتماعي بين طبقتين.
وفي إطار الواقعية ذاتها عكست الرواية العلاقات الاجتماعية في جزائر التسعينيات أشكال الوعي الاجتماعي، الصراع الطبقي، التفاوت الاجتماعي، الرؤية إلى العالم، الالتزام الواقعي، الوعي القائم، الوعي الزائف، الوعي الممكن بالإضافة إلى مفهوم الطبقة الاجتماعية، ويعني هذا أن رواية «بما تحلم الذئاب»، كممارسة أيديولوجية نصية واقعية توطد النقد السوسيولوجي، بما أن الأدب له علاقة وطيدة بالمؤسسات الاجتماعية. فالقاص هنا لا يكتفي بجرد أو تصوير فوتوغرافي فج للظواهر الاجتماعية بل ينفذ إلى جوهرها الدال. فوليد نافع فشل في تحقيق قيمه الأصيلة في الواقع المنهار، بسبب مثاليته وسذاجته ونبل قيمه، قبل أن يصبح إسلاميا متطرفا بعد أن كان ينبذ خيار العنف في البداية، فتحول إلى أمير من أمراء القتل وسادن من سدنة المجازر .
«بماذا تحلم الذئاب» لياسمينا خضرا: أوركسترا الجماجم وصناعة الإسلاموفوبيا
تأتي رواية «بما تحلم الذئاب» كتجربة كتابية تزداد غنى وامتلاء، وهي تحمل هاجسا لا يعيشه إلا الكتاب الجادون بتجربتهم الحياتية، والذين أجادوا بأسلوبهم الأخاذ والشفاف في صناعة الدهشة الصادقة عبر تكثيفها الصدام بين ثقافة الأنا والآخر. وهو شيء لا يقوى عليه إلا من يجيد حبكة القبض على جمرة الخيط الروائي.
هذا العرس الحكائي المعمد بالدم للكاتب الجزائري ياسمينا خضرا (محمد مولسهول) وهو عمل منشور باللغة الفرنسية، صاحب اللسان الفرنسي المطواع، هو ذا يخوض مأزق الممارسة النصية بلغة الآخر باحترافية كبيرة، مبرهنا عن تلاحم متعة المتخيل بالمشهد الكابوسي الذي عاشته جزائر التسعينيات. فهو يتقن التناور المقامي بالكلمات بطريقته الخاصة، مصالحا صلادة التاريخ بقبح اليومي، وتلك هي اللعبة السحرية التي يمتلكها قلم قدير مقبل من صحراء الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد، قبل أن يمزق جسد هذا الوطن بحراب العساكر وسواطير الإخوة المتأفغنين .
يتنامى الصراع في غمرة هذا الشلال السردي، تتقلده شخوص تتميز بالتوتر تتسلل حركة في قلب الأحداث وفي بؤر من التوتر تختلف نسبيا من الخاص إلى العام، وفي رحلة من الهلع الجماعي، حيث يظهر البطل وليد نافع، الإسلامي المتطرف والمنضوي تحت لواء جماعة أصولية مسلحة، الذي تحول إلى أمير في إحدى هذه الجماعات، وهو ينحر طفلا رضيعا ومريضا، وهو يسائل نفسه مدينا إياها في لحظة من لحظات ندمه على اقتراف هذه الجريمة، لماذا لم يتدخل الملاك جبريل ليمنعه من ارتكاب هذا الجرم الشنيع، ثم وهو محاصر مع بضعة مقاتلين في بناية في العاصمة الجزائر، بعد أن باغتتهم قوات النظام في أحد الصباحات الشتائية الباردة. يلح السؤال في السر ويطرحه الكاتب ضمنيا إلى أي حد يمكن أن يكون الفيروس الخبيث قد تفشى؟
في صراع ينداح بين أناس محكوم عليهم بالهلع في مشهد حياتي مرصع بالموت، وهي أنشطة كلها تنبع من رحم سؤال واحد وضعه الفيلسوف سقراط كيف ينبغي للمرء أن يحيا وسط دوامة العنف هذه؟ فياسمينا خضرا يتقلد فعل الكتابة لا نشدانا للتسلية، بل تعرية بحركة فنية للقبح المقرف من علل المجتمع، هذا الأخير الذي ضاع فيه الإنسان وغاب عنه الإله بلغة لوسيان غولدمان، فقد أنزل الكاتب الجزائري ياسمينا خضرا الأدب الروائي من برجه العاجي ليعانق هموم المجتمع وليتحدث بنبرة فجائعية عن الدولاب الدموي الذي اكتسح الجزائر، بعد إجهاض التجربة الانتخابية من طرف الجيش، وذلك لقطع الطريق أمام الإسلاميين. فصور القيم المجتمعية المهترئة بعد جزائر الثورة الموؤودة والتنديد بالتسلط الفردي البورجوازي وسيطرة البورجوازية الكمبرادورية الجزائرية على وسائل الإنتاج والتحكم في رقاب الطبقات الدنيا. لذلك كان النص الروائي ينطلق من خلفية تاريخية واجتماعية، أي قصة الصراع الاجتماعي بين طبقتين.
وفي إطار الواقعية ذاتها عكست الرواية العلاقات الاجتماعية في جزائر التسعينيات أشكال الوعي الاجتماعي، الصراع الطبقي، التفاوت الاجتماعي، الرؤية إلى العالم، الالتزام الواقعي، الوعي القائم، الوعي الزائف، الوعي الممكن بالإضافة إلى مفهوم الطبقة الاجتماعية، ويعني هذا أن رواية «بما تحلم الذئاب»، كممارسة أيديولوجية نصية واقعية توطد النقد السوسيولوجي، بما أن الأدب له علاقة وطيدة بالمؤسسات الاجتماعية. فالقاص هنا لا يكتفي بجرد أو تصوير فوتوغرافي فج للظواهر الاجتماعية بل ينفذ إلى جوهرها الدال. فوليد نافع فشل في تحقيق قيمه الأصيلة في الواقع المنهار، بسبب مثاليته وسذاجته ونبل قيمه، قبل أن يصبح إسلاميا متطرفا بعد أن كان ينبذ خيار العنف في البداية، فتحول إلى أمير من أمراء القتل وسادن من سدنة المجازر .
الرواية تتناول صراعا بين الذات والموضوع الخارجي بيد أن للذات أكبر الأثر في السيطرة على الموضوع، وتجاوزه بعد ذلك بانطواء الذات على نفسها ومحاولتها الدونكشوتية بتكرار تجربة السلف الصالح، وقياس الغائب على الشاهد عبر تأسيس دولة الحاكمية لله على النهج الخارجي التكفيري، مستلهمة أفكارها من المتون السلفية والتأصيلية (سيد قطب، المودودي، الألباني، ابن تيمية) والقضاء على حكم الطاغوت والبغاة أي الثلة الحاكمة، التي تسلك خطابا غربيا ماديا يمتح من معين أيديولوجيا الاستعمار. فنافع وليد السائق السابق لعائلة آل راجا الغنية والنافذة في العاصمة الجزائر، الذي ضاق ذرعا بجبروتها وفساد أفرادها (انحرافات جينيور الأخلاقية وتسلط الابنة صونيا وصلاح راجا وخياناته الزوجية وعقوقه اتجاه أمه المهملة في أحد دور العجزة)، فارتمى مباشرة في أحضان جماعة متطرفة ينشد تغيير هذا العالم المنحط الغارق في الجاهلية بعد أن كان يحلم بأن يصير فنانا وممثلا سينمائيا، لاسيما وأنه قد شارك في فيلم بعنوان «أطفال الفجر» فهذه الشخصية غير منجزة لأنها انهزمت أمام شراسة الواقع، لأن وعيها الذاتي أكبر من الواقع، وكرد فعل سنحت له الظروف كي يقتل ويذبح ويرتكب المجازر في حق رجالات النظام ورجالات القضاء، ثم الطبقة المثقفة، ناهيك عن الأفراد المارقين من جماعته أو الجماعة المنافسة والمناوئة، ثم السكان غير المتعاونين، ليغرق هو ورفاقه في السلاح في حمامات دم لا نهاية لها. يحمل في ثناياه وهم الخلاص الجماعي ووضع اللبنة الأولى في صرح دولة الخلافة الإسلامية الراشدة المزعومة، فهو يدفن الصورة المحتقرة عن الذات من خلال دفن الماضي وسحب الاعتراف بارتباطاته الإنسانية، ولاسيما بعائلته بعد أن هجرها سنتين بعد رحيله إلى معسكرات القتل في جبال «سيدي عياش»، فاندفع مقهور الأمس في حركة هروب من الذات، وانخرط في عدوانية صارخة ضد ضعفه الذاتي والموقعي.
من هنا نلمس العلاقات الاضطهادية التي لونت مجتمع الرواية بصبغة متوترة فاندفع الكل في صراعات دموية جماعية هستيرية تنفجر هنا وهناك مشكّلة حالة عنف كبير وصريح يتفشى في المجتمع الجزائري ثم عن حالات عنف اتخذ فيها طابعا مقنعا أو رمزيا. فكل أبطال الرواية في حالة تعبئة نفسية دائمة واستعداد للصراع، فنجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب، كما أن الخطاب اللفظي بين الشخصيات سرعان ما يتدهور إلى المهاترة والتحدي والوعيد، فالانفعالية العاطفية تطغى على الحوار والعلاقات، والعقلانية سرعان ما تطمس، ما يقود إلى انهيار التفكير المنطقي، ويحجب وضوح الرؤية ويشل القدرة على تفهم الآخرين، وهكذا لا يتمكن أبطال الرواية من الاستمرار في جدل هادئ. فزمن المنطق والعقلانية قصير جدا في جغرافيتهم الحوارية، ذلك أن هناك إحساسا دفينا بينهم بانعدام فعالية اللغة اللفظية فيتحول الأمر بسرعة إلى الحسم السحري العضلي أو الناري قصد الإخضاع. فالعدوانية والعدوانية المضادة تطغى على كل ربوع هذه المملكة النصية. التناقض رئيسي ومسيطر في مجتمع العاصمة الجزائر بدءا بأسرة وليد نافع المكونة من خمس أخوات وأب موظف بسيط سككي متقاعد وأم، مع ما تعيشه هذه الأسرة من تبخيس وأفق مستقبلي غامض في إطار علاقات اضطهادية مزمنة، خصوصا توتر العلاقة مع أبيه، حيث كان السبب الرئيسي في وفاته، والرغبة الهوامية في إبادة الخصم، رغم آصرة القرابة والدم، كجريمة قتل نبيل غالم الأصولي الهجاس لأخته حنان الجامعية والمثقفة الكبيرة والموظفة في إحدى المقاولات، لأنها تمردت على ارتداء الحجاب واختلفت معه في الطروحات والرؤى ورفضت وصايته الفكرية .
إن هذا العنف المستشري هو وليد وضعية مأزقية تشكل إحدى خصائص بنية القهر الذي يتميز بها فضاء الرواية. فواعلها هم أناس ارتكاسيون متعطشون بشكل مرضي للقوة في مختلف رموزها، اختارو الانتماء إلى تيارات أيديولوجية دوغمائية انتحارية وعدمية، منساقة بشكل رضوخي طفلي وراء أمرائها الدمويين كالأمير شرحبيل الشهير بدمويته وساديته وارتكاب المجازر والفظاعات، بالإضافة إلى أمراء الدم الآخرين، الأمير عبد الجليل الأمير زونال الأمير جعفر، الأمير إبرهيم الخليل، الإمام يونس، الأمير سفيان، الأمير أبومريم، عمر زيري، أبو الهول، الزوجتين الرهيبتين هند وزو بيده، والقائمة طويلة ثم فئة المقاتلين سهيل، دوجانا، أبوتراب، أبو هريرة + صلاح لاندوشين الذي ذبح زوجين عجوزين بعد أن قدما له ولجماعته الطعام وبنذالة ميكيافيلية باردة بعيدة عن التعاليم الإسلامية السمحة .
إن المكاشفات التي تثار في هذا المنجز المتخيل تقترب من الحكي اليومي، بما هو برنامج حكائي تطويعي يستند المتلفظ خلاله إلى عدة مرجعيات ثقافية وخطابات عقائدية وحوارات سياسية هدفه إقناع المتلفظ له بالمراهنة على مجتمع ديمقراطي ووطن مزدهر ينشده اللاوعي النصي بعيدا عن تطرف الدولة وتطرف الجماعات الأصولية .
تطغى النصوص الموازية (جيرار جنيت) أو المقتبسات لمجموعة من أعلام الفكر الصوفي الإشراقي والفكر الفلسفي الألماني وشذرات من الفلسفة البوذية الكونفوسيوشية، من أجل التكتيف الرمزي كآلية خطابية تتقارب موضوعاتيا مع الخصائص التي يتضمنها القول الحكائي في إطار القطبية التفاعلية بين القائل أو سلطة منتج الخطاب والمتلقي لهذا الخطاب. فالخطاب الموازي متورط ولغته ليست بريئة وهي تتجانس سياقيا مع طبيعة الملفوظ النصي.
تظهر الشخصيات النسائية في رواية «بما تحلم الذئاب» إما كـ«عورة» أي موطن الضعف والعيب أو كموضوع جنسي (الفتاة المراهقة التي استغلها جنيور وماتت بتناولها لكمية مفرطة من المخدرات) أو سبية من السبايا التي يغنمها المقاتلون الإسلاميون فيتعرضن بدورهن للاستغلال الجنسي ثم القتل بعد ظهور أعراض الحمل عليهن، أو هي زوجة أصولية وقيادية ميالة إلى العنف وخائنة تبتغي خلاصها الفردي أو في أفضل الأحوال زوجة مخدوعة (السيدة راجا) رغم تربعها على عرش امبراطورية مالية، إنها الكرامة المهددة والجرح النرجسي لكيان إنساني كرمه الله في كل رسائله السماوية، لكنه ظل عاريا يجتر مأساته بصمت وألم، وهي مرثية للمرأة الجزائرية، وهي تدفع ثمن مجتمع فقد توازنه من خلال فقدان دفاعاته، فظل في دفاع دائم ضد افتضاح أمره، افتضاح عجزه وبؤسه.
صورت ملحمة الدم هذه الانشقاقات الموجودة بين الذات والموضوع، كما عبرت عن وضع مأساوي وتراجيدي في مجتمع يزيد فيه الاغتراب من هوة الانقسام. كرنفال الجماجم لجزائر ترى يقينها نازفا فوق الجبال، كانت بالأمس وطنا بناه الأجداد الغابرون بدمائهم وتضحياتهم الخالدة، ويبقى المواطن والمثقف هو من يدفع ثمن فاتورة غزاة الخارج ومغول الداخل.
للروائي ياسمينا خضرا مقدرة سحرية على جعل من يقرأه يتوحد معه في القول والفعل والحلم. متمرد كبير بخياله، بفكره، بلغته إنه الكاتب الذي يحرض القارئ على الحب، على الرغم من فاشية الدبابة وساطور الأصولي. كتاباته شروق دائم وسط ظلام الأحاسيس، في وضوحه غنائية الشعر البابلي القديم رغم الفجيعة، وفي غموضه تلاعب حاذق بالمعاني. أليست الكتابة عنده سلاحا ضد كل ما يناقض الحياة في مدها العارم والقلق والمصطخب والباحثة عن كتارسيس حقيقي بالمفهوم الأرسطي بعيدا عن طعم الانتصار الدنيء. فهل تحلم الذئاب حقا؟ وماذا في جعبة أحلامها؟.
بقلم الناقد الادبي والسينمائي ناصر الحرشي .