ثقافة و فنون
النفس و الواقع و الحقيقة
سبق أن كلمتك عن حال انسجام النفس مع الوجود الحقيقي و الوجود الواقعي، و الحال أن ليس كل ما هو واقعي حقيقي، نعم قد تستوقفنا أشياء من صميمنا، منسوجة على النحو الذي نكاد نظنها واحدة وحيدة فينا و في العالم، فننطلق وراءها بقصد انوجاد ما نبحث عنه من تمتع و رضى و طمأنينة، فلا نجد من وراء كل ذلك البحث إلا الفراغ، هكذا اخترقت قناع الواقع فلم أجد إلا فراغا و هواء بلا سكينة، فانظري كم من قناع يلون حياة الوجود بالخداع، خداع الواقع لا خداعنا، بوهمه الذي يسكننا فنسكنه، فنصدقه و نصدق في قولنا و جلوسنا و حياتنا،فنخضع خضوع المسلوب عن كل حرية و إرادة و قدرة و مسؤولية، فيوهمنا فنتوهمه واقعا بالقدر،لا يبقي و لا يذر، يسحق كل البشر، سخرية قدر مصنوع لا من أنفسنا و إرادتنا و فطرنا، سلمنا أنفسنا لصدف الصراع فضاعت الذات، فما معنى أن لا يرتسم للإنسان أفقه و يسلم؟ ما معنىأن تكون خطوط الانفلات محددة لحياتنا و أفكارنا؟ ما معنى أن ينعدم المشروع عندما يتعلق بيأنا الإنسان الفرد، كل إنسان؟. ضاع المعنى في غياب معنى ما يحدد حياتي و يقومها، فضاع الإنسان و انعدم، مشروع لا أضعه أنا و لا أنت، بل هو مشروع قدر يوجهنا حيث اتجه، و يوقفنا حيث وقف، نحن لعبة مشاريع في يد إرادات أخر، فها نحن خارج ذواتنا داخل ذات غريبة عنا،نخضع لها باسم ماذا؟ و لماذا ؟ و كيف ؟ … نحن صناعة سيد لا يعرف منا إلا الشق الآخر، و يغلف الحضور و الوجود به، فيغشينا عن رؤية ما لابد من رؤيته يوما، واقع وهمي و نظنه حقيقة -حقيقة أنفسنا – إنه منطق الوجود الواقعي. ينتهي هذا الوجود بسؤال النفس، و ماذا بعد؟.
سؤال يرسم في الأفق انفتاح ذات إنسانية تتجاوز كل التحديدات الضيقة للواقع، و يكشف عن قوة عظيمة تسكن فينا، تتعالى على كل الأقنعة الواهمة الموهومة، و لا ترضى إلا بواقعحقيقي يؤسس لغايات و نهايات مفتوحة على اللانهاية، و لأنها تسكن فينا على نحو عظيم قدنجهله، قلا نسكن و لا نطمئن إلا بالانسجام معها،هنا تتفجر الذات معلنة قوتهاو تحديها لكل الموجودات الواهمة، هنا و هنا فقط يمكن أن نرجع إلى جنة الحرية و القدرة و الإرادة التي سلبنا عنها، و هنا نكون أمام الحقيقة الخالدة التي لا تفنى، إنه الوجود الحقيقي الذي سيغدواواقعا عيانيا إن نحن صممنا على بناء مشروعنا من حريتنا وقوتنا و إرادتنا، فليس كل واقع حقيقي إلا ما كان منسجما مع النفس و واجدا للإنسان.
ذ/ قبلي عبدالرحيم