ثقافة و فنون

الفلسفة : تصحيح مسار

الفلسفة : تصحيح مسار

 

كانت عبارتا أن الفكر الشرقي القديم ليس إلا فكرا أسطوريا و خرافيا و دينيا و أخلاقيا . و أن نشأة الفلسفة بدأت عندما قام فلاسفة اليونان بنقد حر لتراثهم الشعري القديم من طرف المؤرخ الغربي كافيتان لتحريف مسار الأصل الحقيقي لنشأة الفلسفة أو الفكر البشري القديم بصفة عامة، أو إخفاء و نكران ما جاء به مفكرو حضارات الشرق الأدنى القديم و ما ساهموا به من أفكار كانت البذرة أو المادة الخام التي اشتغل عليها فلاسفة اليونان .وكان الغرض من هذه الزيف و التحريف هو أن الانطلاقة الفكرية كانت أروبية محضة دون التأثر بثقافات أخرى بدعوى أن هناك خصائص تميز بها الإنسان اليوناني دون سواه من البشر في ذلك القرن. وهذا مخالف للقاعدة الطبيعية التي تقول إن الحاضر يأخذ من الماضي و الماضي يهيئ للمستقبل في شكل سلسلة مترابطة بين الأزمان أو الحقب

ولتوضيح هذا التحريف و التزييف الذي عمر طويلا و انساق معه للأسف بعض الفلاسفة العرب سنعود للبحث في الأصل الاشتقاقي لكلمة صوفي ثم مكونات ما اصطلح عليه بالثرات الشعري القديم لليونان و من ساهم في تكوينه و كيف تناقلته الأجيال إلى حين وصوله للقرن السادس ق.م. ثم أصل الأفكار و القضايا التي اشتغل عليها فلاسفة اليونان.

الأصل الاشتقاقي لكلمة صوفي.

عن كلمة صوفي يقول أفلاطون في محاورة اقراطيلوس التي تحدث فيها عن أصل بعض الكلمات أنها غامضة ، وليست من أصل محلى ، داعيا إلى البحث عن أصلها و غيرها من الكلمات التي تبدو أنها من أصل أجني و هذا ما قام به أحدا لغربيين  مارتن برنال ليكتشف أنها مشتقة من كلمة مصرية قديمة تعني التعليم.

فالحرف المصري يقلب إلى اليونانية ليصبح ما يجعل الأصل اللغوي للكلمة اليونانية يتطابق معها تماما و تبقى قولة فيثاغورث ” أنا محب للحكمة” انطلاقة معنى خاصا للفكر و الحكمة لدى اليونانيين ، و أضحت محبة الحكمة ، اسم العلم الذي تداولته الألسن و الأقلام للدلالة على ذلك النوع من التأمل و التفكير العقلي .   و بهذا تكون الحكمة في أصلها اللغوي و الموضوعي مصرية مما يفند ما قاله المؤرخون المتعصبون بخصوص نشأة الفلسفة.

فالفلسفة اليونانية نشأت من تماس اليونان بالشرق القديم كما عبر عن ذلك المؤرخ الغربي شارل فرنر.

أما عن التراث الشعري اليوناني، ماهيته و أصله، فسوف نعود لمعرفة كيف تكون المجتمع اليوناني أولا.

يتألف المجتمع اليوناني من عنصرين أو سلالتين ، دخلت الأولى التي حملت اسم البلاسجيين أرض اليونان إبتداءا من 3500 ق.م و أقاموا حضارة زراعية طيلة العصر الحجري الحديث.

حوالي 2000/1900 ق.م بداية عصر البرونز, هاجر قوم أخر إلى أرض اليونان و الذين حملوا اسم اللآخيين  تعايشوا مع السلالة الأولى لزمن طويل في الوقت الذي تواصل فيه توافد السلالة الثانية على ارض اليونان مما جعلهم أكثرية، و بحكم تنظيمهم العسكري حكموا البلاد و شرعوا في بناء حضارة طيلة العصر الميكيني 1551/1051.

في هذه الفقرة استفاد الاخيين من الحضارة المنيوية في شتى المجالات واقتبسوا منهم طريقة الكتابة لتدوين سجلاتهم و تدوين قصصهم و أساطيرهم .

كما لعب المواطن الكريتي المتأثر بالأفكار و الأساطير التي كانت منتشرة بين الأمم في المنطقة ، بخياله دورا مهما في التمهيد للمواطن اليوناني الذي بلغ منه تأثير الحضارة المنيوية عليه استعمال خياله لتأليف القصص أسوة بباقي شعوب الشرق القديم التي امتزج فيها الخيال بالحقيقة التاريخية التي تتحدث عن الوقائع و الأحداث التي جرت في ميادين المعارك التي خاضها الاخيين و تحكي عن بطولات الأمراء الحربية و أمجاد أسلافهم.                                                                                            الا أن الباحثين لاحظوا التشابه بين ملحمة الإلياذة الهوميريسية و ملحمة جلجامش السومرية في كثير من المواقف و الشخصيات و الأفكار الرئيسية . كما لاحظوا أساطير و قصص تدور أحداثهما حول شخصيات غير أخية إضافة إلى مسرح بعض حوادث هذه القصص الاخية التي كانت جزيرة كريك

من خلال هذه الملاحظات للباحثين يتضح جليا أكذوبة القائلين بأن الفلسفة أول ما ظهرت في بلاد اليونان . فالفلسفة حقيقة نمت في مصر و ترعرعت و شبت على أيدي اليونانيين كما عبر عنه أحذ المؤرخين الغربيين الغير المتعصبين بقوله” انه على أرض مصر عاش الحكماء الأوائل العظام في التاريخ، و أن مصر معلم  الإنسانية  الاول .

سعيد مسفاوي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق