في دراسة تراثنا الشعري العربي الجاهلي يعود الناقد الادبي مسلحا بادوات معرفية جديدة ونظريات نقدية حديثة لم تتح للباحثين الاقدم عهدا .ويعود اليه النقد الحديث بمختلف مدارسه بوعي حضاري وثقافي وبحس تاريخي نقدي فيلولوجي . يجعلنا هذا ندرك ان لا حداثة دون تراث ، وان الحاضر يوجهه الماضي ، وان الماضي تعاد صياغته بالنظرة النقدية الجديدة . فالتراث الثقافي حي ومتغير . فدراسة شعرنا العربي القديم دراسة منهجية مازالت في بداياتها . فالدراسة الادبية لهذا الشعر في معظمها لم تصل الى زيادة الوعي به من حيث هو تراث فني وبانه مازال مكونا اساسيا من مكونات الوعي الثقافي للانسان العربي في عصرنا الحاضر . وكذا كونه عنصرا حيويا في تراثنا الحضاري . ان الاتجاهات السائدة في الدراسات الادبية التي تناولت الشعر الجاهلي توحي بان هذا الشعر نتاج بدائي ينتمي الى ماض بعيد لسنا اليوم معنيين به او هو شعر منحول( طه حسين ) . او ان الوقائع التي عاشتها ذات الشاعر هي بدورها متخيلة لا تمت بصلة الى واقعه الحقيقي وان هذه الجماعة من البدو لم تنتج لغة فنية وجمالية لان مجتمعات الصحراء ومضارب القبيلة ابعدو من ان تبلور وعيا حضاريا ومنتوجا ثقافيا راقيا كالشعر الذي ارتبط بمجتمع المدينة والعمران . لكن الشعر العربي الجاهلي يبقى هوية الحضارة العربية ووثيقة تاريخية تتغنى بامجاد هذه الحضارة مرتبطة بعالم الواقع ومنفصلة عنه بلغة تجترح وعيها . بقلم… ناصر الحرشي الحياة الان .