السياسية

السياق العام للانتخابات التشريعية.

تنظم الانتخابات  التشريعية ل 7 اكتوبر 2016 في سياق

إقليمي ودولي مضطرب يعرف فيه المغرب عدة تحديات سياسية كبرى.  فالمغرب يعيش واقع جد  ويواجه أمواج تحديات طموحات كبيرة و هموم تنموية تحتاج إلى منتخبين أكفاء يساهمون من خلال عملهم التشريعي في محاربة بقع الزيت السوداء التي تلوث مستقبل البلاد. فالمواطنة تبدأ من هنا،  أي من المشاركة الذي يلعبه المواطن لإغناء المؤسسة النيابية بالكفاءات، وبالدور الذي يفترض أن يلعبه البرلمان، نيابة عن الناس للدفاع عن المصالح الحيوية للموطنين. 

لكن المتفحص حال الأحزاب السياسية اليوم يجد أنها قد انشغلت بالكم على حساب الكيف، وتساهلت في ضم الأعداد إلى صفوفها دون تنقية وفحص، فازدادت الأعداد وقل النوع. و إن العين لا تخطئ غياب الكثير من الكفاءات في كثير من المجالات عند الأحزاب، لا تكاد تجد فيها عددا كافيا من رجال الاقتصاد والتخطيط  ورجال الفكر والباحثين البارزين.

inti

ولهذا سببان: أولهما- عدم وجود فرصة حقيقية لظهور الكفاءات للرأي العام والناخب المغربي لأسباب مقصودة وغير مقصودة. فالإعلام  المغربي مشغول بغيرهم. السبب الثاني- عدم الوعي بأهمية الكفاءات العلمية في القيادة. فضلا عن إبعادهم من أصحاب المال والنفوذ الطامحين بالفوز.

وقد أكد جلالة الملك في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى 17 لعيد العرش على هذه المسألة بقوة حينما قال:”كما أدعو الأحزاب لتقديم مرشحين، تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة، وروح المسؤولية والحرص على خدمة المواطن”.

والحقيقة أن أحزاب الحكومة الحالية فشلت في أن تقدم مشروعا تنمويا للشرائح العريضة من المجتمع المغربي كما وعدت بذلك، ولم يعد لديها ما تقدمه بعد هذه التجربة وبعدما أصاب الاهتزاز المجالات الاقتصادية والاجتماعية، واضمحلت الطبقة الوسطى وازداد الفقراء فقرا . وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى نقص الكفاءة والدراية بالواقع. وكما يقال دائما إن” فاقد الشيء لا يعطيه”.

  فالسياسة ليست لعبة والديمقراطية ليست خدعة، فالأولى فن ومسؤولية وكفاءة، والثانية ثقافة وقيم لها قواعد وأصول. والخروج عن هذه القواعد والأصول تكون أضراره جسيمة ونتائجه في النهاية وخيمة.

وتدل جميع تجارب الأمم المتحضرة على أن الكفاءات هي المعيار الأول الذي يمكن أن يقاس عليه مدى نجاح أو إخفاق أي دولة من الدول التي تربعت اليوم على عرش التنمية والتفوق.

والمطلوب من الكفاءات اليوم أن تعمل بجدية ونزاهة ووعي، لكن ذلك يصعب تحقيقه في بيئة  ومؤسسات جامدة فعدم  الاستعانة بالكفاءات والدفع بها أدى إلى ما يسمى بهجرة الأدمغة.

 وخلاصة القول إن السياسة علم قائم بذاته لا مكان فيه للجاهل أو المتهور أو المصلحي أو الانتقامي، ليس المقصود إقصاء هؤلاء من ممارسة حقوق المواطنة، ولكن أن يترك تسير شؤون الدولة والمؤسسات للأكفاء والمخلصين لوطنهم الذين يجعلون مصلحة البلاد فوق مصالحهم الشخصية. ويبقى السؤال الأهم المطروح هو ما أعددنا للمستقبل؟

د.ابوالمجد عبد الجليل

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق