السياسية

إفريقيا…. المستقبل

image

جاءت زيارة ملك المغرب لمجموعة من الدول اﻹفريقية وهي الثانية من نوعها في زمن متقارب و الدول العربية في مفترق طرق بعد حراك سياسي و إجتماعي فاق التلاث سنوات، و نخص بالذكر الدول العربية الشمال اﻹفريقية التي لاتزال تعيش مخاض دول جديدة بعد ثورات لا يمكن الجزم على نجاحها. إن أهمية العلاقة بين العرب و إفريقيا ذات أبعاد متنوعة تتجسد في البعد السوسيو إقتصادي كما الجيوسياسي رغم الفتور و التذبذب الواضح الذي تتسم به علاقتا بالقارة السمراء الطامحة للمزيد من التقدم لا ينقصها سوى دولارات اﻹستثمار و تأطير جذري لشبابها و كوادرها لتنفيذ مجموعة من المشاريع و تحقيق التنمية المستدامة.   لكن يبقي للتاريخ تأثير كبير في نسج العلاقة و النفوذ العربي في إفريقيا فدورنا لم يكن فعال بالقدر الذي لعبه الغرب قرونا مرت؛ بداية بعهود النخاسة المؤلمة وصولا لسنوات اﻹستعمار الطويلة، ومع ذلك لم يخلو وجود العرب  من إنجازات أهمها الجانب اﻹديولوجي، بالرغم من نشر تعاليم اﻹسلام التي أرست أسس علاقات إجتماعية و إقتصادية محورها الدين، أما غير ذلك يبقى تأثير الرجل اﻷبيض بارز مع بداية الثمانينات التي عرفت تخبط قارتنا بين واقع الحروب و اﻹنقلابات ناهيك عن المجاعات مع تفش مخيف لﻷمراض و اﻷوبئة على رأسها اﻹيدز. مما جعل الغرب يضع يده على القرار السياسي بإفريقيا و الوصاية اﻹقتصادية الكاملة عليها الذي يسرت له منظمات الغوث اﻹنسانية و وكالات العون اﻹنساني اﻷممية في غياب واضح لدور مماثل و فعال لنا كشريك تاريخي على اﻷرض ماعدا وكالة اﻹغاثة اﻹسلامية التي كانت تنحاز بقصد أو غير قصد لعامل اﻹديولوجية.
هذا الواقع بدأ يتغير شيئا فشيئا فالدور الذي يسعى لتجسيده الملك محمد السادس في القطاع الغربي من القارة السمراء كأعلى سلطة بالمملكة الشريفة و كشريك إستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي، مما جعل من جلالته و زياراته المتكررة قارئ جيد،حكيم، درايته ومعرفته بخبايا إفريقيا و سبل إختراق السيطرة الغربية التامة على مفاصلها، فرنكوفونية كانت أو كومنويلث بريطاني دون إغفال لدور إسرائيلي في المنطقة.
إن إختراق هذا السياج الحديدي الذي أقلق أكثر من فاعل دولي على رأسهم فرنسا التي لن تتهاون في سد الطريق على المغرب وهو الذي يمثل كل العرب كان أبرزها تصريحات أحد دبلوماسييها المشينة إتجاه بلدنا رغم نفيها فيما بعد.
لكسب ود اﻷفارقة لا يكمن بالمال ولا بالدواء فالريع لن بفيد كلانا فعلى اﻷرض تبقى الوساطة في حل النزاعات، ﻷن اﻷمن أهم ما يصبو إليه كل إفريقي؛ فجل نزاعات و  مشاكل القارة يخوض فيها البيض في غياب واضح لفعالية العرب لكن بدا جليا أن المغرب أحسن إستثمار هذا  المعطى كأولوية إستراتيجية في إدارة الصراعات لتصفية القضايا اﻹفريقية كالتدخل المباشر في مالي و وساطة جلالته في فك نزاع السلطة بين الحسن واتارا و لوران كباكبو بساحل العاج دون إغفال لدور المملكة  المحمود في دولة إفريقيا الوسطى برفع بعض المعاناة عن مسلمي هذا البلد الذين إستجاروا بإخونهم العرب فوجدوا من ملك المغرب خير مغيث و مجير.
بالرغم من كل هاته المعطيات لايزال النصف الشرقي من القارة في غيبة عن العرب فاﻹثيوبيون يرتعون في موضوع الصومال و هي العضو في الجامعة العربية كما لبناء سد النهضة اﻹثيوبي من تداعيات وخيمة على مصر وحصتها من  مواردها المائية التاريخية من وادي النيل.
لذا نأمل وقفة عربية حازمة في إفريقيا فمستقبلها زاهر و هي الغنية بمواردها الطبيعية بالمقارنة مع كثافتها  السكانية، لا ينقصها سوى إستثمارات جريئة في بنيتها التحتية و التنمية البشرية. ما يتطلب جهدا صادقا في بناء الثقة حتى نفوز بإفريقيا فهي قارة المستقبل بعذريتها
إنها تستحق اﻹهتمام…

رضا لمداحي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق